اليمامة التي رحلت بقطار الشتاء by Aamer Ibraheem published on 2014-01-26T18:53:04Z اداء عامر حليحل وفرج سليمان وحبيب حنّا في حفل تأبين د. روضة بشارة عطالله طه محمد علي "اليمامةُ التي رحَلَتْ بقِطارِ الشتاءِ" أميرَةُ ! عندَما يرْحَلُ أحِبَّاؤُنَا كمَا رحَلْتِ تبدأُ في داخِلِنَا هِجرَةٌ لا تنتَهي ويحيَا معَنا يَقينٌ أنَّ كًلَّ ما هوَ جميلٌ فينَا ومِن حولِنَا ما عَدا الحُزْنَ يرحَلُ، يُغادِرُ ولا يعودُ. فَأشجَارُ الرُّمَّانِ التي كُنْتِ تُحبّينَ أزهارَها ترَهَّلَتْ أغصانُها وغادَرَتها الظِلالُ والطريقُ وأشجارُ الكينا وجّداوِلُ الماءِ كلُّها رحلَتْ بعدَ رحيلِكِ ولمْ تَعُدْ. وفي الشتاءِ تأتي طُيُورٌ غريبَةٌ لاجِئَةٌ فيها سُمَّانٌ وفيها عصافيرٌ، أجنِحتُها مُلوَّنَةٌ فيها طُيورٌ جارحَةٌ وفيها طُيورٌ رقيقَةٌ حزينَةٌ تأسِرُ بطيبَتِها تًلْقُطُ الحَصَى والقَمْحَ وترتَجِفُ من شِدَّةِ البَرْدِ وَعُمْقِ الإحساسِ بالغُربَةِ لكِنَّها جميعًا ترحَلُ فَجْأَةً تأتي فَجْأةً في الشتاءِ وترحَلُ فَجْأَةً معَهُ *** لدَيَّ يا أميرَةُ شُعُورٌ غريبٌ وقَوِيّ يَتعزَّزُ كُلَّ شتاءٍ لِيُصبحَ أكثَرَ قُوَّةً وأشّدَّ غَرابَةً فأنا أشعُرُ أنَّكِ ستَأتينَ يَومَاً مع هذهِ الطُيورِ ستَأتينَ يَمامَةَ زيتونٍ يمامَةً فاتِنَةً يمامَةً عَطِرَةً يمامَةً رشيقَةً أليفَةً قَلِقَةً تهبِطُ عندَ شجَرَةِ الكرَزِ مِن حديقَتِنَا. يمامَةٌ شُعُورُها بالبَرْدِ قاتِلٌ إحساسُها بالغُربَةِ قاتِلٌ حنينُها لكرُومِ الزيتونِ قاتِلٌ يمامَةٌ تبتسِمُ وفي عيْنَيْها بسَاتينُ حُزْنٍ تَنُوحُ وفي هديلِها بقايَا فَرَحٍ. أنا سَأعرِفُها بمجرّدِ أن أراهَا سأعرفُ أطواقَ النّكَباتِ المُعلَّقَةِ بعُنقِها الحَنونِ سأعرِفُ نظَراَتِها الربيعِيّةِ الصافيةِ نظراتِها النّدِيَّةَ كَأحلامِ البُحيراتِ سأعرِفُ خُطُواتِها المُخمَلِيّةَ الخجُولَةَ خُطُواتِها الرّتيبَةَ كأنفاسِ أشتَالِ الخَسِّ وسأعرِفُ صَوْتِها اللّيلكيَّ المُتفَرِّدَ صَوتَها العَذْبَ صَوّتَها الذي ما سمِعْتُهُ إلاّ أحسَسْتُ أنّهُ قادِمٌ من مكانٍ في أعماقِي قَصِيٍّ مكانٍ في النّفسِ سَحيقٍ ضائِعٍ ومجهُولٍ هذا الصَوْتُ الذي يبلُغُني فاُصافحُهُ وأعانقُهُ قبلَ أن يَصِلَ سَمَعي لا أخطِئُهُ أستطيعُ أن أميِّزَ من بينِ أصواتِ يمامِ الدنيا وقد جُمِّعَ ووُضِعَ في حديقةٍ واحدَةٍ. حينَ أراهَا سترحلُ كفِّي إلى موضِعِ القلبِ من صدري لكنّي لن أدَعْها ترَى الدمُوعَ في عينيَّ لا دُموعَ الفرحِ بها ولا دُموعَ الخَوفِ عليها ولا دُموعَ أعوامِ الحُزنِ وسِنيِّ العذابِ. سيُهروِلُ دمي في عُروقي للِقائها والتّسليمِ عليها والاحتفاءِ بها. هيَ أيضُا ستعرِفُنا حُزنُنا سيدِلُّها علينا انتظارُنا سيدُلُّها علينا الحنينُُ يَدُلُّها والغُروبُ والوَجْدُ أللّيلُ يَدُلُّها والغَمامُ والعُشبُ ستَدُلُّها الغابَةُ الفُصولُ والطُرُقاتُ والأنهارُُ ستَدُلُّها علينا ستَعرِفُنَا وتبكي تتذكّرُنا وتبكي تًلْقُطُ الحصَى والقَمحَ وتبكي ترتَجِفُ من شِدَّةِ البَرْدِ وعُمقِ الغُربةِ وتبكي. نروي لهَا عن حُقولِ الشَّوْكِ وثمارِ الحنظَلِ ونشكو لهَا جِنايَةَ الريحِ نَحكي لهَا عن براثِنِ الشَّتاتِ عن لُؤمِ رَحَى اللّيلِ وَجَوَى الأمسياتِ نَحكي لهَا عنِ القَهْرِ والمرارَةِ والضّياعِ ونَذَكِّرُها ببراعِمِ الزّيتون Genre روضة Comment by أ يمامةً تبتسمُ وفي عينيها بساتين حُزن 2022-07-09T07:53:17Z Comment by أ يمامةً شعُورها بالبرد قاتل، إحساسها بالغربة قاتل 2022-07-09T07:52:30Z Comment by أ يمامةً عطِرة، فاتِنة، رشيقة، أليفة.. قلِقة 2022-07-09T07:51:47Z Comment by أ ستأتين يمامة زيتون.. 2022-07-09T07:51:08Z Comment by أ مع هذهِ الطيور 2022-07-09T07:50:45Z Comment by أ أشعُر أنك ستأتين يومًا 2022-07-09T07:50:33Z Comment by أ لدي يا أميرة شعُور غريب و قوي 2022-07-09T07:49:52Z