أحمد مطر - رثاء ناجي العلي- by Oday Al-jehad published on 2017-12-21T20:08:38Z القاتلُ المأجورُ وجهٌ أسودٌ يُخفي مئاتِ الأوجه الصفراءِ هي أوجهٌ أعجازُها منها استحتْ والخِزْيُ غطَاها على استحياءِ لمثقفٍ أوراقُه رزمُ الصكوكِ وحِبْرُهُ فيها دمُ الشهداء ولكاتبٍ أقلامُهُ مشدودةٌ بحبال صوت جلالةِ الأمراء ولناقدٍ "بالنقدِ" يذبحُ ربَّهُ ويبايعُ الشيطانَ بالإفتاءِ ولشاعرٍ يكتظُّ من عَسَـلِ النعيمِ على حسابِ مَرارةِ البؤساءِ ويَجـرُّ عِصمتَه لأبواب الخَنا ملفوفةً بقصيدةٍ عصماءِ ! ولثائرٍ يرنو إلى الحريّةِ الحمراءِ عبرَ الليلةِ الحمراءِ ويعومُ في "عَرَقِ" النضالِ ويحتسي أنخابَهُ في صحَة الأشلاءِ ويكُفُّ عن ضغط الزِّنادِ مخافةً من عجز إصبعه لدى "الإمضاءِ" ! ولحاكمٍ إن دقَّ نورُ الوعْي ظُلْمَتَهُ، شكا من شدَّةِ الضوضاءِ وَسِعَتْ أساطيلَ الغُزاةِ بلادُهُ لكنَها ضاقتْ على الآراءِ ونفاكَ وَهْـوَ مُخَـمِّنٌ أنَّ الرَدى بك مُحْدقُ، فالنفيُ كالإفناءِ ! الكلُّ مشتركٌ بقتلِكَ، إنّما نابت يَدُ الجاني عن الشُّركاءِ *** ناجي. تحجّرتِ الدموعُ بمحجري وحشا نزيفُ النارِ لي أحشائي لمّا هويْتَ هَويتَ مُتَّحـدَ الهوى وهويْتُ فيك موزَّعَ الأهواءِ لم أبكِ، لم أصمتْ، ولم أنهضْ ولم أرقدْ، وكلّي تاهَ في أجزائي ففجيعتي بك أنني.. تحت الثرى روحي، ومن فوقِ الثرى أعضائي أنا يا أنا بك ميتٌ حيٌّ ومحترقٌ أعدُّ النارَ للإطفاءِ برّأتُ من ذنْبِ الرِّثاء قريحتي وعصمتُ شيطاني عن الإيحاءِ وحلفتُ ألا أبتديك مودِّعاً حتى أهيِّئَ موعداً للقاءِ سأبدّلُ القلمَ الرقيقَ بخنجرٍ والأُغنياتِ بطعنَـةٍ نجلاءِ وأمدُّ رأسَ الحاكمينََ صحيفةً لقصائدٍ.. سأخطُّها بحذائي وأضمُّ صوتكَ بذرةً في خافقي وأصمُّهم في غابة الأصداءِ وألقِّنُ الأطفالَ أنَّ عروشَهم زبدٌ أٌقيمَ على أساس الماءِ وألقِّنُ الأطفالَ أن جيوشهم قطعٌ من الديكورِ والأضواءِ وألقِّنُ الأطفالَ أن قصورَهم مبنيةٌ بجماجمِ الضعفاءِ وكنوزَهم مسروقةٌ بالعدِل واستقلالهم نوعُ من الإخصاءِ سأظلُّ أكتُبُ في الهواءِ هجاءهم وأعيدُهُ بعواصفٍ هوجاءِ وليشتمِ المتلوّثونَ شتائمي وليستروا عوراتهم بردائي وليطلقِ المستكبرون كلابَهم وليقطعوا عنقي بلا إبطاءِ لو لم تَعُـدْ في العمرِ إلا ساعةٌ لقضيتُها بشتيمةِ الخُلفاءِ ! *** أنا لستُ أهجو الحاكمينَ، وإنّما أهجو بذكر الحاكمين هجائي أمِنَ التأدّبِ أن أقول لقاتلي عُذراً إذا جرحتْ يديكَ دمائي ؟ أأقولُ للكلبِ العقور تأدُّباً: دغدِغْ بنابك يا أخي أشلائي ؟ أأقولُ للقوّاد يا صِدِّيقُ، أو أدعو البغِيَّ بمريمِ العذراءِ ؟ أأقولُ للمأبونِ حينَ ركوعِهِ: "حَرَماً" وأمسحُ ظهرهُ بثنائي ؟ أأقول لِلّصِ الذي يسطو على كينونتي: شكراً على إلغائي ؟ الحاكمونَ همُ الكلابُ، مع اعتذاري فالكلاب حفيظةٌ لوفاءِ وهمُ اللصوصُ القاتلونَ العاهرونَ وكلُّهم عبدٌ بلا استثناء ! إنْ لمْ يكونوا ظالمين فمن تُرى ملأ البلادَ برهبةٍ وشقاء ِ؟ إنْ لم يكونوا خائنين فكيف ما زالتْ فلسطينٌ لدى الأعداءِ ؟ عشرون عاماً والبلادُ رهينةٌ للمخبرينَ وحضرةِ الخبراءِ عشرون عاماً والشعوبُ تفيقُ مِنْ غفواتها لتُصابَ بالإغماءِ عشرون عاماً والمفكِّرُ إنْ حكى وجبت لهُ طاقيةُ الإخفاءِ عشرون عاماً والسجون مدارسٌ منهاجها التنكيلُ بالسجناءِ عشرون عاماً والقضاءُ مُنَزَّهٌ إلا عن الأغراض والأهواءِ فالدينُ معتقلٌ بتُهمةِ كونِهِ مُتطرِّفاً يدعو إلى الضَّراءِ واللهُ في كلِّ البلادِ مُطاردٌ لضلوعهِ بإثارةِ الغوغاءِ عشرون عاماً والنظامُ هو النظامُ مع اختلاف اللونِ والأسماءِ تمضي به وتعيدُهُ دبّابةٌ تستبدلُ العملاءَ بالعملاءِ سرقوا حليب صِغارنا، مِنْ أجلِ مَنْ ؟ كي يستعيدوا موطِنَ الإسراءِ فتكوا بخير رجالنا، مِنْ أجلِ مَن ْ؟ كي يستعيدوا موطِنَ الإسراءِ هتكوا حياء نسائنا، مِنْ أجلِ مَنْ ؟ كي يستعيدوا موطِنَ الإسراءِ خنقوا بحريّاتهم أنفاسَنا كي يستعيدوا موطِنَ الإسراءِ وصلوا بوحدتهم إلى تجزيئنا كي يستعيدوا موطِنَ الإسراءِ فتحوا لأمريكا عفافَ خليجنا كي يستعيدوا موطِنَ الإسراءِ وإذا بما قد عاد من أسلابنا رملٌ تناثر في ثرى سيناء ! وإذا بنا مِزَقٌ بساحات الوغى وبواسلٌ بوسائل الأنباءِ وإذا بنا نرثُ مُضاعَفاً ونُوَرِّثُ الضعفينِ للأبناءِ ونخافُ أن نشكو وضاعةَ وضعنا حتى ولو بالصمت والإيماءِ ونخافُ من أولادِنا ونسائنا ومن الهواءِ إذا أتى بهواءِ ونخافُ إن بدأت لدينا ثورةٌ مِن أن تكونَ بداية الإنهاءِ موتى، ولا أحدٌ هنا يرثي لنا قُمْ وارثنا.. يا آخِـرَ الأحياءِ !