حديثٌ عن الزهراء صلوات الله عليها - الأيام الفاطميّة 1439 by قناة القمر الفضائيّة published on 2018-01-28T12:54:03Z ✤ تزدحمُ العناوين في خَلَدي حينما أُريد الحديث عن فاطمة "صلواتُ الله عليها" وأجدُ دافعاً يدفعني أن أقفَ عند هذه الجملة التي أقتطِفها مِن خُطبتها المعروفة:(ما هذه الغميزةُ في حقّي، والسِنةُ عن ظُلامتي). هذه الجملة الوجيزة ربّما تسمعُها الشيعة ولا تُدركُ أبعاد مَضمونها. أُحاول أن أُسلّط الضوء على جانبٍ من معناها في هذه الّلحظات. ✤ خُطبة الصدّيقة الطاهرة ليستْ مَخصوصةً بزمان إلقائها.. ولا أريد الحديثَ عن خصائص خُطبتها.. ولكنّني أُشير إلى قضيّةٍ واضحةٍ جدّاً: حينما أمرتْ الصدّيقة الطاهرة بإخفاء قبرها لم يكن هذا الأمرُ مُحدّداً بزمانٍ مُعيّن.. ولذا بقي قبرها مُختفياً إلى هذه الّلحظة.. فكُلّ الموقف الفاطمي بتفاصيله في مُواجهة السقيفة لم يكن مُحدّداً بمقطعٍ زمانيّ معيّن.. فمِثلما بقي خَفاءُ قبرها رَمزاً لاستمراريّة مَوقفها على طول الزمان وعلى سِعة المكان.. كذاك هي خُطبتها في مضامينها وفي مُحتواها. فالخِطاب هُنا موجّه لي ولكم ولكلّ مَن يَصِل إليه مَن يصِل إليه هذا الخِطاب (في زَمنٍ ولّى أو في زَمنٍ حاضر أو في زمنٍ آتي) والقضيّة برُمّتها إذا أردنا أن نتناولها في بُعدها الحقيقي هي مُرتبطةٌ إرتباطاً مِفصليّاً بمشروع إمام زماننا "صلواتُ الله عليه". ● القضيّة بدأتْ من السيناريو الأوّل (سيناريو يوم الغدير) وحين غَدرتْ الأمّة بغدير مُحمّد وعليّ "صلّى الله عليهما وآلهما" جاء السيناريو الثاني وهو (سيناريو القُربان) وكانت البدايةُ من القُربان الفاطمي، وإذا غَدَرتْ الشيعةُ أيضاً بهذا المشروع فسيأتي السيناريو الثالث وهو سيناريو اليوم الأخير (لو لم يبقَ مِن عُمر هذا الدُنيا إلّا يومٌ واحد لأطالَ اللهُ ذلك اليوم ليَظهر إمام زماننا "صلواتُ الله عليه"). لا أريدُ الحديث هُنا عن هذه السيناريوهات.. ولكنّني أقول: إنّ المَوقف الفاطمي وإنّ المشروع الفاطمي أساساً هو بوّابةٌ تقودنا إلى المشروع المهدوي الأعظم.. ولِذا ما جاء من تفاصيل إن كان في رموز موقفها أو في كلامها فهو مُمتدٌ على امتداد الزمان والمكان.. وإلّا فهذهِ الجُملة التي اقتطعْتها من خُطبة سيّدة نساء العالمين ليست مخصوصةً بزمان السقيفة وليس الخِطاب موجهاً إلى المهاجرين والأنصار في ذلك الوقت فقط.. الخِطاب يسري إلى هذه الّلحظة وإلى ما بعد هذه الّلحظة. ● (ما هذه الغميزةُ في حقّي، والسِنةُ عن ظُلامتي) الغميزة في لُغة العرب هي النقيصة.. وغمَزَ فلانٌ مِن أمر فلان أي انتقص.. وهناك عبارةٌ شائعة على ألسنة الأدباء يقولون: (إنّ فُلاناً غَمَز مِن قناة فُلان) أي تحدّث عنه بانتقاص ولكن لا بأسلوبٍ ظاهري. مثلما تُوجد في التعابير الشائعة في بيننا إذا ما حرّك إنسانٌ جفن عينه صعوداً ونزولاً يُقال إنّه غمز بعينه.. وهي إشارةٌ قد يُؤشّر بها إلى شخصٍ مُعيّن يُريد أن يُوصل له معنىً مُعيّن.. فالغَمز والغميزةُ إشارةٌ لكنّها تُوحي بالنقيصة والانتقاص. ● الغميزة التي تتحدّث عنها الصدّيقة الكبرى هي موقف المُهاجرين والأنصار في وقت الإدلاء بالخطاب وموقف الأمّة على طول الخط.. وحِين أتحدّث عن الأمّة إنّني أتحدّث عن الشيعة.. وإلّا فموقف المُخالفين لأهل البيت هو واضحٌ لا يحتاج إلى تعليقٍ أو إلى شرحٍ أو إلى بيان. ● سؤال: أين الغَميزةُ في موقف المُهاجرين والأنصار حتّى نعرف الغَميزة في موقف الشيعة مِن فاطمة؟ الصدّيقةُ الكُبرى قالتْ: (ما هذه الغميزةُ في حقّي..) وعبارةُ "حقّي" هنا إنّها لا تتحدّث عن حقّها في فدك، وإنّما تتحدّث عن حقّها في قدرها ومنزلتها. (ما هذه الغميزةُ في قدري) فليس الحديثُ هنا عن حقٍّ مالي أو عن حقٍّ مادّي. الزهراء قالتْ (ما هذه الغميزةُ في حقّي..) لأنّ القوم قد سكتوا.. وحِينما سكتوا فإنّ ذلك يُشِعرُ بأنّ الذي ظَلَمها كان على حقّ. الغَميزةُ انتقاص، ولكن انتقاص ليس بنحوٍ ظاهرٍ بيّن.. (توضيح هذه النقطة بمثال). ● المُهاجرون والأنصار حِين سكتوا على الإساءةِ بحقّ فاطمة بكُلّ أشكال الإساءة.. الذين سكتوا منهم وما كانوا أنصاراً للسقيفة وأعوانها.. هؤلاء الذين سكتوا قد غمزوا حقّ فاطمة وانتقصوا من قدرها. فحينما سكتوا عن ظلامتها كأنّهم أقرّوا من أنّ أعداءها كانوا على حقٍّ وهي مُستحقّةٌ للذي جرى عليها.. وهذا الأمر يجري في وسطنا الشيعي. فهذه المكتبة الشيعيّة مشحونةٌ بالكُتب التي كتبها مراجع وعلماء كبار في الوسط الشيعي، وبعباراتٍ واضحة وصريحة يُضعّفون الأحاديث والروايات التي تتحدّث عن ظُلامتها..! أساساً هذا الموقف أشدّ مِن موقف المُهاجرين والأنصار الذين ربّما البعض منهم يستنكر الأمر في قلبه ولكنّه لم يتحدّث. المكتبة الشيعيّة تعجّ بالكُتب التي تُنكرُ الوقائع التي جرتْ على فاطمة..! Genre Religion & Spirituality