عُد فإني لن أبتعد - سامح طارق. by Mai Al-Metwaly published on 2021-01-12T16:11:25Z ما زلت أذكر تلك الساعة التي اضطرب فيها الأمر، تلك الردود الباهتة والكلمات الفاترة، وذلك الصمت الذي غلّف جوًا كان ينتظرُ الكلام، لا أذكر بعدها أننا تلاقينا أو أن ثمّة قولًا جارحًا كان وراء هذا الانقطاع، ما الذي حدث؟ لا أدري! ما الذي أطفأ كل هذا الوهج في نفوسِنا وأبدله بذلك الكمّ من اللامبالاة؟! دعنا نفكّر في الأمر: أنا لم أقل شيئًا سيئًا، وأنت لم تفعل، فلِمَ كان الجرحُ من الأساس والنصلُ لم يكن حاضرًا؟! سأقول لك: أنا لست مِنك بمنزلةِ الآخرين، وأنت كذلك، لذا فما يجرحك مني ليس مما يجرحك من الآخرين، وأنا كذلك. اختصارًا: أنت لم تُسمعني ما يستدعي الضيق، لكنّه استدعى، وأنا لم أقل ما يجرح، ولكنّك جُرِحت، أنا لم أسمعك كما ينبغي من الأساس فلم أتكلّم بما ينبغي، وهذا كل شيء. في العلاقات التي تقوم على التبادل المعنوي والشعوري في المقام الأول لا يتأثّر الأمر إلا باضطراب هذه العلاقة التبادلية من العطاء والاحتواء، أنت تشعر بخيبة الأمل وأنا يتوجّب عليَّ أن أنزع عنك هذا الشعور، والعكس. لكن أنت تشعر بذلك، وأنا لا أشعر أنك تشعر بذلك، أنت لأنك تشعر بذلك، تُصدر ردودًا باهتة لعلّي أنتبه، وأنا لا أنتبه البتة، أنت تُخرج هذه الكلمات؛ لأنك في حالةٍ لا تسمح بإخراج ما هو أفضل، وأيضًا لا تسمح لك مكانتي في قلبِك بقولِ ما هو أسوأ، أنت تفعل ذلك وأنا يتوجّب عليَّ في هذه اللحظة -وليس غيرها- أن أعي وأفهم، أن أضمّك إلى صدري بكلمةٍ طيبة وابتسامةٍ نقيّةٍ تقول لك: افعل ما شِئت فأنا هنا ولن أرحل. أنا مساحتك التي يتمدد فيها حزنك وسخطك وألمك فأحتويك ولا أضجر، أنا مَهربك وملجأك الذي لا يُسيئ الظنّ ولا يُسطِّح الفَهم، اضطرب ولا تعبأ فأنا هنا، وانطفِئ وافتر كما يتبّدى لك وأنا سأوقِد سِراجك من جديد. أنت تحتاج ذلك، وأنا ينبغي أن أُعطيك، وأنا لا أفعل، لا أفهم، لا أرحم، لا أحتوي، آخذ كلماتك التي تجثم على مِشعلنا لتطفئه، وأضع عليها ردّي الذي يُكرر الأمر، أرى في عينيك الدمع تحبسه ولا أفهمه، أسمع في صوتِك رجاءً يسألني وصل ما تقطعه أنت.. أنت تقطعه بلا إرادة منك، وأنا لا أصِله على قدرةٍ منّي. أنت لم تبتعد.. أنا فقط الذي لم أقترب بالقدرِ الكافي. الحاصل في النهاية أننا نبتعد، وأن ودًّا كان له في القلبين عمل يتلاشى وكأنّه لم يكن.. هل انتهى كل شيء؟ ربّما لا. هل ما زلت قادرًا على الإحياء؟ أسألُ نفسي كثيرًا في كلِّ مرّةٍ نظرتُ فيها إلى قريبٍ قد ابتعد وحبيبٍ قد فتر، أسألُ نفسي كثيرًا في كلِّ مرةٍ تشتدُّ بي حاجتي وأعدم تجلّدي الذي أورثني كِبرًا -غالبًا- قد نما أيضًا في قلبِ من كان يومًا معي هنا ولم يعد كذلك. أسألُ نفسي وأُكرِّر، وليس بيني وبين الذي مضى عنّي ومضيت عنه سوى كلمةٍ دافئةٍ تنفث الروح فيما دُفِن.. كلمةٍ وفقط، ولا يشترط فيها أن تكون اعتذارًا أو عتابًا، فقط كلمة تقال لمن رحل إنّه لم يكن ينبغي له الرحيل. كل الذي بيني وبين الوصلِ هو أن أتجاوز الأزمة إلى ما وراءِها، فأرقى عنها إلى أصلِ الأمر، إلى ذلك الرابط الخفي الذي لم ينقطع وإن بدا في ظاهره الهلاك، فيسود الإبقاءُ على الإفلات ويطغى ما في قلوبِنا على ما صدر رغمًا عنّا فنُرغِمه. أغلب النهايات يمكن تأخيرها إذا كنّا نُحسِن الوصل، وكلّ النهايات يمكن إعدامها إذا أحسنّا إحياء البدايات. كلّ الذي انتهى لم يكن لينتهي لو أن أصحابه أرادوا عكس ذلك، وكلّ السقطات لم تكن لتطول إذا أردنا القيام. نتخاذل طوعًا؟ نعم. الكِبر؟ هو. كل ما هُنالك أنّي أحتاجُ أن أعود إليك بعدما فارقتني ونجلسُ معًا، ثم أنظرُ في عينيك اللتين لم أفهم أنينهما السابق، وأُشعِل الذي انطفأ بابتسامةٍ تحمل اعتذارًا عن كل ما سبق، ثم أضمّك تلك الضمّة التي تخاذلتُ عنها يوم الرحيل، تلك الضمّة التي تقول لك ما عجزتُ بالأمسِ عن قولِه: كان ينبغي أن تفعل ما تشاء ولم يكن يليق بي الرحيل. أعتذرُ عن عدم كوني مساحتك التي يتمدد فيها حزنك وسخطك وألمك، وعن كوني ضجرت ولم أحتوِ.. عن أنّي لم أكن هناك حينما تحتّم علي أن أبقى، وعن يدي التي أطفأت النور الذي خبا منك ضيُّه، ولم أنتبه. كل ما هنالك أنّي أحتاج الذي احتجته أنت من قبل: أن تبقى وأبقى، وكلّ ما في الأمر أنّني بدأتُ التخلّي يوم ضِقتُ بِك، وأنّه وجب عليَّ المبادرة بأن أسعك في قلبي من جديد، وأن أكون كونك الذي أردت سُكنته ولم ينفتح بابه إليك، فاعذرني على طفولةِ صبري، وامنحني قلبَك الذي صدأ فأجلوه، ولا تبتأس. أيا رفيقي الذي كان معي.. عُد فإنّي لن أبتعد. [عُد فإنّي لن أبتعد، 8 يناير 2017]. - سامح طارق. .... أداء : ميّ المتولي. تدقيق لغوي : محمد توفيق. هندسة : صوتية محمد نظمي. https://soundcloud.com/mohamd_nazmy Genre Audiobooks Comment by Israa hossam اعذرني على طفولةِ صبري، وامنحني قلبَك الذي صدأ فأجلوَه .. ولا تبتأس! 2023-12-06T20:31:10Z Comment by Israa hossam أعتذر؛ عن يدي التي أطفأت النور الذي خبا منك ضيُّه، ولم أنتبه.. 2023-12-06T20:28:36Z Comment by Israa hossam كل ما هنالك أنّي أحتاج أن أعود إليك ونجلس معًا 2023-12-06T20:23:19Z Comment by Israa hossam كلّ الذي انتهى لم يكن لينتهي لو أن أصحابه أرادوا عكس ذلك، وكلّ السقطات لم تكن لتطول إذا أردنا القيام. نتخاذل طوعًا؟ نعم. الكِبر؟ هو 2023-12-06T20:20:34Z Comment by Israa hossam كل الذي بيني وبين الوصلِ هو أن أتجاوز الأزمة إلى ما وراءِها، فأرقى عنها إلى أصلِ الأمر. 2023-12-06T20:18:10Z Comment by Israa hossam أعدم تجلّدي الذي أورثني كِبرًا -غالبًا- قد نما أيضًا في قلبِ من كان يومًا معي هنا ولم يعد كذلك 2023-12-06T20:13:57Z Comment by Israa hossam وأن ودًّا كان له في القلبين عمل يتلاشى وكأنّه لم يكن.. 2023-12-06T20:10:23Z Comment by Israa hossam أسمع في صوتِك رجاءً يسألني وصل ما تقطعه أنت.. أنت تقطعه بلا إرادة منك، وأنا لا أصِله على قدرةٍ منّي. 2023-12-06T20:08:41Z Comment by Israa hossam أنا مساحتك التي يتمدد فيها حزنك وسخطك وألمك فأحتويك ولا أضجر، أنا مَهربك وملجأك الذي لا يُسيئ الظنّ ولا يُسطِّح الفَهم 2023-12-06T20:06:44Z Comment by Israa hossam فلِمَ كان الجرحُ من الأساس والنصلُ لم يكن حاضرًا؟! 2023-12-06T20:04:33Z Comment by Israa hossam ما الذي أطفأ كل هذا الوهج في نفوسِنا وأبدله بذلك الكمّ من اللامبالاة؟! 2023-12-06T20:04:01Z Comment by Manar Abdelrahman :^) 2023-11-24T08:33:22Z Comment by Adam Mohammed قلبت علي مواجع الزمن 2023-09-17T12:30:35Z Comment by Adam Mohammed كان شيئ لم يكن 2023-09-17T12:23:18Z Comment by راديو إم كيه - Radio MK رائع جدا جدا هذا الأداء الصوتي و الشعور بالنص ❤️❤️ لو تعطينا اسم الموسيقى أكن شاكرا 2023-05-31T11:48:19Z Comment by Rim صوت في قمة الروعة من اجمل ما سمعت 😍🥰 2023-05-31T02:30:59Z Comment by Muhammad Najm Wesyaa أداء 4k 2023-05-07T05:20:42Z Comment by فاطمة ياسر هو ممكن اسم الموسيقى 2023-03-02T19:47:49Z Comment by Nour أحتاج أن أعود إليك لنجلس معا 2023-01-07T11:52:19Z Comment by Nour لو أن أصحابه أرادوا عكس ذلك 2023-01-07T11:51:16Z Comment by Nour ويبقى ما في قلوبنا على ما صدر رغما عنا 2023-01-07T11:50:31Z Comment by Nour كل الذي بيني وبين الوصل هو أن أتجاوز الأزمة إلى ما ورائها 2023-01-07T11:49:46Z Comment by Nour ربما لا 2023-01-07T11:48:07Z Comment by Nour أنت لم تبتعد، أنا فقط لم أقترب بالقدر الكافي 2023-01-07T11:47:44Z Comment by Nour فأحتويك ولا أضجر 2023-01-07T11:46:22Z Comment by Nour أنا مساحتك التي يتمدد بها حزنك وسخطك وألمك 2023-01-07T11:46:04Z Comment by . ليششش!!! لم الجرح من الاساس والنصل لم يكن حاضرًا.. 2022-11-09T13:10:55Z